جـويريه
عدد المساهمات : 11 نقاط : 33 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/01/2011
| موضوع: سلسلة الرد علي شبهة انتشار الاسلام بالسيف الإثنين 03 يناير 2011, 6:07 pm | |
| شبهة انتشار الإسلام بالسيف
في السنة الأولى خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً بدينه ، و ما انفك العقد الأول من السنين حتى كان جيوشه تقرع أبواب الروم . ثم أفل القرن الأول و قد أضحت الأمة المسلمة في انتشارها على وجه الأرض كالنار سرى في الهشيم ، فقد تحولت الأمم إلى الإسلام و دخل الناس في دين الله أفواجاً ، و امتد الوجود الإسلامي في فترة وجيزة فملأ ما بين الصين و الأندلس. و حار النصارى في فهم هذه الظاهرة إذ لا تفهم إلا بالاعتراف بأن هذا الدين حق وافق فطرة الناس و عقولهم فأذعنوا له . و هروباً من هذه الحقيقة التي نشرت الإسلام في ربوع كانت تحسب قلاعاً للنصرانية قال النصارى بأن الإسلام دين قام على السيف ، و به انتشر، و أرادوا من خلاله طمس تلك الحقيقة الناصعة. توالى التعلق بهذه الفرية طوال قرون عديدة ، و رددها المجادلون النصارى كثيراً ، و تمسك بها المتأخرون منهم ، يقول السيد المنسينور كولي في كتابه " البحث عن الدين الحقيقي " : " الإسلام الذي أسس على القوة ، و قام على أشد أنواع التعصب لقد وضع محمد السيف في أيدي الذين اتبعوه ، و تساهل في أقدس قوانين الأخلاق ، ثم سمح لأتباعه بالفجور و السلب ". و يقول القس أنيس شروش"لقد كان محمد يزعم تلقي الوحي بواسطة جبريل…لتبرير سلوكه السياسي و الأخلاقي إضافة إلى غير ذلك من شعاراته الدينية ، و عند انتهاء المعركة تقترف عمليات الإعدام التي تشمل النساء ، و كل ذلك تحت شعار الأمر الإلهي ". و يقول جيومان لوستير: " إن محمد مؤسس دين المسلمين قد أمر أتباعه بأن يخضعوا العالم ، و أن يبدلوا جميع الأديان بدينه هو" و يمضي فيقول :"ما أعظم الفرق بين هؤلاء الوثنين و بين النصارى ، إن هؤلاء قد فرضوا دينهم بالقوة ، و قالوا للناس: أسلموا أو تموتوا ، بينما أتباع المسيح قد كسبوا النفوس برهم و إحسانهم" ويستبشع "الآباء البيض"في أسبانيا فكرة الجهاد من أجل الدين ، ويقولون: " أين نجد الترابط المنطقي لله الذي خلق البشر وأحبهم جميعاً ، بينما نجد -كما في النصوص القرآنية - يحث على قتال الكفار" .
مبررات الجهاد الإسلامي :
و قد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهات ، و أبانوا فرية النصارى فيها ، فالمسلمون لم يأمروا أحداً باعتناق الإسلام قسراً ، كما لم يلجئوا الناس للتظاهر به هروباً من الموت أو العذاب ، إذ كيف يصنعون ذلك وهم يعلمون أن إسلام المكره لا قيمة له في أحكام الآخرة ، وهي التي يسعى لها كل مسلم ويحفد ، ولم يكرهون الناس على الإسلام ولم يجعل الله إليهم وإلى الأنبياء من هداية البشر سوى البلاغ ، وكيف يكرهون الناس على الإسلام و القرآن يقول { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي } ، و يقول { و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها } و يقول تعالى { قل الله أعبد مخلصاً له ديني * فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين } . و عندما خرجت كتائب الجهاد الإسلامي ما كان خروجها لقهر الناس و إجبارهم على اعتناق الإسلام إنما كان لتحرير الإنسان و تحييد القوى الظالمة التي قد تحول بينه و بين الإسلام. و أوضح القرآن بجلاء مبررات الجهاد الإسلامي { و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها و اجعل لنا من لدنك ولياً و اجعل لنا من لدنك نصيراً } ، و يقول تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف و إن يعودا فقد مضت سنة الأولين * و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير * و إن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى و نعم النصير } . و يفسر سيد قطب معالم المنهج الذي أوضحه القرآن فيقول: "لم يكن بد للإسلام أن ينطلق في الأرض لإزالة الواقع المخالف لذلك الإعلان العام ، و بالبيان و بالحركة مجتمعين ، و أن يوجه الضربات للقوى السياسية التي تعبد الناس لغير الله…و التي تحول بينهم و بين الاستماع إلى البيان و اعتناق العقيدة بحرية لا يتعرض لها السلطان…إنه لم يكن من قصد الإسلام قط أن يكره الناس على اعتناق عقيدته ، و لكن الإسلام ليس مجرد عقيدة . إن الإسلام - كما قلنا - إعلان عام لتحرير الإنسان من العبودية للعباد ، فهو يهدف ابتداءً إلى إزالة الأنظمة و الحكومات التي تقوم على أساس حاكمية البشر للبشر، و عبودية الإنسان للإنسان، ثم يطلق الأفراد بعد ذلك أحراراً بالفعل في اختيار العقيدة التي يريدونها بمحض اختيارهم بعد رفع الضغط السياسي عنهم ، و بعد البيان المنير لأرواحهم و عقولهم"و إيماناً بهذا المنهج خرج دعاة الإسلام يحملون البيان و يحمونه بسيوفهم و كثيراً ما سبق بيانهم سيوفهم فوصل الإسلام إلى أندنوسيا و نيجيريا و غيرها و لما يصل إليها جيش مسلم . و أما البلاد التي وقف حكامها في وجه بيان الإسلام فقد أوهنتها مطارق الإسلام و هي تدعو لإحدى ثلاث الإسلام أو الجزية أو الحرب ، فاختار الإسلام أهل سمرقند و غيرهم ، فأضحوا إخواننا لهم ما لنا ، و عليهم ما علينا ، و اختار أهل حمص الجزية فقام المسلمون بحمايتهم و بإيصال البيان إليهم ، فدخلوا في دين الله أفواجاً ، و وقف آخرون يريدون حجب الحقيقة ، فأتم الله دينه و أظهره عليهم ، فاندكت جحافل الباطل ، و غدا الناس أحراراً في اختيار العقيدة التي يريدونها ، فدخل الناس في دين الله أفواجاً من غير إكراه و لا إجبار، فالإسلام قاتل الدول التي تحول بين الإسلام و بين شعوبها ، و لم يكره تلك الشعوب على اعتناق الإسلام ، بل أقام العهود و المواثيق التي تكفل حرية التدين ، و من ذلك العهدة العمرية التي كتبها عمر بن الخطاب لأهل بيت المقدس ، وفيها : " هذا ما أعطى عبد الله عمر بن الخطاب - أمير المؤمنين - أهل إيليا من الأمان. أعطاهم أماناً لأنفسهم و أموالهم و لكنائسهم و صلبانهم و سقيمها و بريئها و سائر ملتها : ألا تسكن كنائسهم و لا تهدم ، و لا ينتقض منها، و لا من خيرها ، و لا من صليبهم و لا من شيء من أموالهم ، و لا يكرهون على دينهم و لا يضار أحد منهم…و من أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه و ماله مع الروم و يخلي بيعهم و صلبهم (هكذا) فإنهم على بيعهم و صلبهم و أنفسهم حتى يبلغوا مأمنهم. و من كان من أهل الأرض ( الروم و غيرهم من الأجناس ) فمن شاء منهم قعد ، و عليه مثل ما على إيليا من الجزية ، و من شاء سار مع الروم ، و من شاء يرجع إلى أهله ، و إنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم ، و على ما في هذا الكتاب عهد الله ، و ذمة رسوله، و ذمة الخلفاء ، و ذمة المؤمنين" . فقد ضمن عمر في عهدته سلامة أماكن العبادة كما ضمن حرية المعتقد ، و بمثل هذا النحو كانت سائر فتوح المسلمين. و أضحى أهل تلك البلاد أهل ذمة يوصي رسول الله بهم فيقول : " لعلكم تقاتلون قوماً فتظهرون عليهم فيتقوكم بأموالهم دون أنفسهم و ذراريهم ، فيصالحونكم على صلح ، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك ، فإنه لا يصلح لكم " . و يقول أيضاً موصياً أصحابه :" انطلقوا باسم الله و بالله ، و على ملة رسول الله ، لا تقتلوا شيخاً فانياً ، و لا طفلاً صغيراً ، و لا امرأة ، و لا تغلُوا، و ضمنوا غنائمكم ، و أصلحوا و أحسنوا إن الله يحب المحسنين" . و قال صلى الله عليه وسلم " من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة " ، ويقول "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ، و إن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً " . و لما تدانى الأجل بعمر بن الخطاب قال :" أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيراً، و أن يوفي لهم بعهدهم ، و أن يقاتلوا من ورائهم ، و ألا يكلفوا فوق طاقتهم " . وقد وفى المسلمون بذمة نبيهم ، فأعطوا أهل الذمة حقوقهم ، وينقل ترتون في كتابه " أهل الذمة في الإسلام " شهادة بطريك " عيشو بابه " الذي تولى منصب البابوية حتى عام 657هـ:" إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون. إنهم ليسو بأعداء للنصرانية ، بل يمتدحون ملتنا ، و يوقرون قديسينا و قسسنا ، و يمدون يد العون إلى كنائسنا و أديرتنا " . و بمثل هذا العدل عاشت الأمم المختلفة في ظل الإسلام و دولته ، فبقي الهندوس أغلبية في الهند التي حكمها المسلمون قرابة ألف عام ، و ما يزال بين ظهراني المسلمين ما يقرب من 14مليون عربي مسيحي ، فكل ذلك شهادة ببراءة المسلمين من إجبار الأمم على اعتناق الإسلام. و يقول المؤرخ درايبر في كتابه " النمو الثقافي في أوربا " : " إن العرب لم يحملوا معهم إلى أسبانيا لا الأحقاد الطائفية ، و لا الدينية و لا محاكم التفتيش ، و إنما حملوا معهم أنفس شيئين في العالم ، هما أصل عظمة الأمم: السماحة و الفلاحة". و يقول غوستان لوبون في كتابه حضارة العرب: " إن القوة لم تكن عاملاً في نشر القرآن ، و إن العرب تركوا المغلوبين أحراراً في أديانهم…و الحق أن الأمم لم تعرف فاتحين رحماء متسامحين مثل العرب ، و لا ديناُ سمحاً مثل دينهم ". و يقول السير توماس أرنولد: " لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة ، و استمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة ، و نستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار و إرادة حرة ، و إن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح "، ويقول مفسر القرآن جورج سيل: " و من قال إن الإسلام شاع بقوة السيف فقط ، فقوله تهمة صرفة ، لأن بلاداً كثيرة ما ذكر فيها اسم السيف، و شاع الإسلام ".
تابعونا
| |
|