جـويريه
عدد المساهمات : 11 نقاط : 33 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 03/01/2011
| موضوع: الرد علي دعوى تأييد القرآن لألوهية المسيح الإثنين 03 يناير 2011, 5:52 pm | |
| و كان أهم المسائل التي تنادى بها النصارى للاستدلال عليها من القرآن ألوهية المسيح ، و قد تعلق النصارى بقول الله تعالى عن المسيح { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه } ، و قوله لمريم { إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم } يقول البابا شنودة عن لفظي " روح الله و كلمة الله " اللتان وردتا في حق عيسى : " و أياً كانت النتيجة فإن هذين اللقبين يدلان على مركز رفيع للمسيح في القرآن لم يتمتع به غيره" فالنصارى يفسرون الكلمة بالمفهوم اليوناني القائل بأن الكلمة هي العقل الإلهي الضابط لحركات الموجودات ، فمادام المسيح هو كلمة الله أي عقله ، فهو أزلي لا ينفصل عن ذاته و لا يتخلف عنه في الوجود ابتداء ، و يقول القمص إبراهيم لوقا في رسالته عن التثليث :"إنه لا فرق بين الله و كلمته، كما لا فرق بين الإنسان و كلمته " . و أما روح الله فهي عندهم جزء من ذاته كحال البشر فإذا وصف المسيح بها دل ذلك على ألوهيته. و يضيف النصارى إلى هذين اللقبين ما جاء في القرآن من وصف لميلاد المسيح و معجزاته الباهرة و تلقيبه بالمسيح…يقول البابا شنودة : " لم يقتصر الأمر على كنه المسيح أو طبيعته من حيث هو كلمة الله و روح منه ألقاها إلى مريم ، و إنما الطريقة التي ولد بها و التي شرحها القرآن في سورة مريم كانت طريقة عجيبة معجزية لم يولد بها أحد غيره من امرأة. زادها غرابة أنه يكلم الناس في المهد. الأمر الذي لم يحدث لأحد من قبل و لا من بعد " ، ثم يتحدث عن معجزات المسيح و يقول " لماذا يختص بهذه المعجزات التي لم يعملها أحد، و التي هي من عمل الله ذاته " . و يلحظ علماؤنا اجتزاء النصارى للنصوص التي أيدوا بها منطقهم ، فالآيات التي تحدثت عن المسيح فوصفته بأنه:" روح منه أو كلمة " وردت في سياق ذم النصارى و تثليثهم لا تأكيد عقائدهم ، فالآية من أولها: { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه فآمنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلاً * لن يستنكف المسيح أن يكون عبد لله…} فوصفته الآيات أيضاً بأنه رسول الله و أنه عبده. و عندما تحدث القرآن عن المعجزات المسيح تحدث عن أنها وقعت بإذن الله ، فأهمل النصارى ما تناقض غرضهم ، و لما ذكر ميلاد المسيح العجيب ذكر أيضاً ميلاد آدم الذي يشبهه في بعض الوجوه ، و كما تحدث عن أعجوبة كلامه في المهد، ذكر بأنه قال { آتاني الكتاب و جعلني نبياً } و مثل هذا الاجتراء على النص القرآني و الانتقاء منه صنعه الحداد الخوري حين أورد قول الله { إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } أوردها كدليل على بنوة المسيح لله. و أعرض عن الآية التي تليها فلم يذكرها و هي قوله { سبحان رب السماوات و الأرض رب العرش عما يصفون } ، و لا ريب أن هذا الصنيع يدل على عدم دلالة النصوص على ما يرومونه إلا باجتزائها، و هو صنيع مجاف لروح البحث عن الحقيقة و احترام الدليل. و عند النظر في تلك الأجزاء التي أوردها النصارى كشف علماؤنا لبس النصارى في استدلالهم.فبخصوص" الكلمة " فإن الأطير ينبه إلى أن الآيات لم تصف المسيح بالكلمة كما هو الأقنوم الثاني من الثالوث، بل سمته كلمة { بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم } و قال { و كلمته ألقاها إلى مريم } . و سبب تسمية المسيح " كلمة "جاء لأحد أمور ذكرها المفسرون و نقلها أصحاب الردود الإسلامية.
أ- أن المسيح لم يخلق وفق ناموس الطبيعة المعتاد ، بل خلق بأمر التكوين الإلهي " كن" فكان ، فقد خلق بكلمة الله التي ترجع إليها جميع المخلوقات التي ننسبها إلى السبب القريب (الأبوة) ، بينما المسيح ليس له سبب قريب فينسب إلى السبب الأصل الذي نشأ عنه وجوده. فإن اعترض النصارى و قالوا: إذاً لماذا لم يسم آدم أيضاً كلمة من الله ؟ فيجيب عبد الرحيم محمد بأن سبب ورود ذلك في حق المسيح دون آدم أن ميلاد آدم لم يثير تلكم الريبة التي وجدناها في ميلاد المسيح عندما ولد من غير أب ، فقال القائلون : هو ابن الله .و قال آخرون : ابن زنى . و سوى ذلك فاستلزم بيان سبب وجوده ، و أنه ليس بذاك و لا ذا ،بل هو مخلوق بكلمة الله.
ب_أن المقصود بالكلمة البشارة التي بشر الله بها مريم.
ج- و ذكر السقا بأن المراد بأن المسيح يتكلم بكلام الله ، فسمي بذلك كلمة . و نبه علماؤنا بأن معنى الكلمة بمعنى أنها صفة الله المتولدة عنه أو أقنومه الثاني لم ترد في القرآن الكريم و لا في الكتب المقدسة سوى ما جاء في مقدمة يوحنا. و تتبع علماؤنا مع التمثيل معاني " الكلمة " في الكتاب المقدس فوجدوها لا تخرج عن معانٍ: القول ، الوعد ، العقيدة ، التعليم ، الحكم ، المخلوق ، النظام أو الناموس. و ليس في كتب النصارى إطلاق لفظة الكلمة بمعنى : الإله المتجسد أو صفته المنفصلة عنه، أو المولودة … و قريباً من هذه المعاني استعملت لفظة " الكلمة " في السياق القرآني . و أما قوله تعالى { وروح منه } فلفظة (منه) فيه ليست تبعيضية كما قال النصارى ، بل هي لابتداء الغاية أي أن المخلوق بدأ من الله، أو هي للبيان أي أن هذه الكلمة من الله، و ليست من الشيطان أو من غيره كما يقول اليهود في المسيح عليه السلام. و أما قوله { ألقاها إلى مريم } فهو إلقاء مجازي كما يقال: فلان ألقى كلمة أو أمراً ، و مثله جاء في التوراة و الإنجيل (انظر الخروج 15/4، المزمور 50/16-17، مرقس 21/1). ووصف المسيح بأنه روح منه يعني أن المسيح من روح الله، فـ(من) ليست تبعيضية ، بل هي -كما سبق - بيانية أو لابتداء الغاية، كما قيل في آدم { و نفخت فيه من روحي } و قال تعالى عن سائر المخلوقات { و سخر لكم ما في السماوات و الأرض جميعاً منه } .
و كلمة الروح وردت في القرآن بمعنيين :
الأول : جبريل عليه السلام و الثاني : القوة و التأييد الإلهي ويرى المطعني أنه يصح أن يقال بأن المقصود بالروح هو النفخ كما جاء في شعر ذي الرمة " و أحيها بروحك " أي أشعلها بنفخك . و يرى السقا أنه يصح أن يقال بأن معنى { روح منه } هو إلهام منه ، و كما ورد هذا الاستعمال أيضاً في مواضع متعددة في الكتاب المقدس. و أياً كان معنى الروح فإن عبد السلام محمد يؤكد بأنه حتى النصارى لا يقولون بأن المسيح هو روح القدس . و ينقل عن سعيد الحاوي في كتابه " البرهان القويم في إثبات الثلاثة أقانيم " قوله: " الروح القدس المتحد مع الأب و الابن أقنوم خاص مميز له عن أقنوميهما ، فهو أقنوم ثالث في اللاهوت ". و يقول ياسين منصور في رسالته " التثليث و التوحيد " عن الروح القدس :"هو ذات حقيقي و شخص حي و أقنوم متميز لكنه غير منفصل ، و هو أقنومية غير أقنوم الأب و غير أقنوم الابن ، و هو نظير الأب و الابن و مساوٍ لهما " . و زعم البعض من النصارى أن المسيح هو الحمل الفادي الذي ذكره القرآن في ثنايا قصة الذبيح في قوله تعالى { و فديناه بذبح عظيم } . و مما لا خلاف فيه عند المفسرين أن الذبح هو كبش فدى الله به إسماعيل. و بمثل هذا التمحل للنصوص فعلوا عندما فسروا قول الله { قلنا اهبطا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدىً فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون } فقد زعم صاحب كتاب " الحق " أن الهدى المراد بالآية هو المسيح . و ما نبه إليه عبد السلام محمد آنفاً يصح في حق الكاثوليك ، و لا يصح في دفع مذهب الأرثوذكس الذين يرون أن الله هو المسيح و أنه روح القدس. و أما ميلاد المسيح و معجزاته و نجاته و رفعه إلى السماء و تخصيصه باسم المسيح ، فكل ذلك لا يخرج به عن مقام العبودية التي أوضحها القرآن الكريم بجلاء لا يقبل اللبس ، و قد سبق بيان ذلك حتى في كتب النصارى.
| |
|