شمس النهار
عدد المساهمات : 22 نقاط : 68 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 29/12/2010
| موضوع: مَنْ يخلف شنودة? سؤال يزعج النصارى ويقلقهم السبت 01 يناير 2011, 11:05 am | |
| ثناء اجتماع البابا شنودة مع لجنة البر أصيب بنوبة سعال حادة فقد على إثرها توازنه نتيجة شعوره بدوار شديد وسرعان ما توالت وتواترت الأخبار بأن البابا أصيب بنوبة اغماء استمرت خمس دقائق, وبنفس السرعة كذبت الكنيسة هذه الأخبار لكنها لم تنف تعرض البابا لنوبة سعال شديدة, وفي كل مرة تتدهور فيها صحة البابا أو يسافر فيها للعلاج سرعان ما يتبادر السؤال الى ذهن الجميع سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين.. من يخلف البابا شنودة? هذا التساؤل غالباً ما يزعج الأقباط ودائماً يرفضون الاجابة ويعلقون عليه بقولهم "ربنا يمد في عمر سيدنا".. لكن مفردات الواقع العالمي الجديد تحتم ضرورة الاجابة على هذا التساؤل على اعتبار أن مسألة اختيار البابا قضية أمن قومي فاذا كانت هناك مساحة اتفاق او اختلاف حول شخصية البابا شنودة فهذا أمر طبيعي لكن الغالبية سواء كانوا معارضين أو مؤيدين لسياسات البابا لا يختلفون على أن البابا منذ توليه كرسي البطريركية في 14 نوفمبر 1971 أصبح قيادة تاريخية مصرية بحكم السنين الطوال التي قضاها ومازال في العمل الكنسي وبحكم البعد العالمي الذي أضفاه على الكنيسة القبطية الارثوذكسية, وما يشعر الجميع بالقلق في هذه الأيام أنه بقراءة مبسطة للواقع المصري نجد أن التجارب السابقة والحالية أثبتت أنه بغياب القيادة التاريخية لأي موقع قيادي ينهار هذا الموقع لعدم وجود جيل من الصف الثاني وخطورة الوضع داخل الكنيسة القبطية أنه منذ تولي البابا شنودة كرسي البطريركية وحتى الآن لم يختر نائبا له رغم أن لائحة اختيار البابا الصادرة العام 1957 تتيح له ذلك. وما ينذر بالخطر في حال غياب البابا أن هناك الآن صراعاً خفياً على كرسي البطريركية بدأت ملامحه في الظهور بين الاساقفة المقربين من البابا.. فالدكتور ثروت باسيلي عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني ووكيل المجلس الملي والمالك السابق لشركة أمون للادوية أنشأ القناة القبطية CTV وفي دعم واضح للانبا يوأنس سكرتير البابا الحالي تم اختياره مشرفا عاما على القناة في مواجهة قناة " اغابي " التي يشرف عليها الانبا موسى الاسقف العام للشباب ويديرها الأنبا بطرس الاسقف العام وأحد سكرتارية البابا, وقد استطاعت القناة الجديدة CTV ان تستقطب عددا من مشاهدي قناة اغابي حيث تنقل على الهواء مباشرة وقائع العظة الاسبوعية " الاربعاء " لقداسة البابا واجابته على أسئلة شعب الكنيسة بالاضافة الى نقل حي للصلوات والقداسات التي يحضرها البابا, كما تذيع بين فقرات برامجها مقتطفات من حوار سابق مع البابا مما يعد ترويجا لها وايحاء اللمشاهدين برضا البابا عليها وعلى القائمين عليها وهو ما سوف يستغل في صالح الانبا يوأنس. الأنبا بيشوي الرجل الثاني في البطريركية والمشرف على ملف المحاكمات الكنسية يحظي هو الآخر بدعم احدى الصحف القبطية المستقلة علناً وفي كل مناسبة حيث تم تكريمه في الجريدة بصفته أحد المدافعين عن العقيدة الارثوذكسية, فالصراع لن يكون هينا كما يعتقد البعض لسبب بسيط وهو أن كل المتصارعين على كرسي البطريركية هم من الرهبان المتعايشين مع البابا شنودة والذين ألفوا حياة القصور وطلقوا حياة الكهوف وبالتالي من الصعب أن يعود كل واحد فيهم مرة أخرى الى قلايته داخل الدير وحتى ان خرج بعض الاساقفة من الكاتدرائية تنفيذا لأوامر البابا الجديد والتي قد تكون تصفية لحسابات قديمة فانهم لن يهدأوا ولن يضحوا بمواقعهم بهذه السهولة وهو ما يعني المزيد من القلاقل داخل جدران الكنيسة القبطية خاصة وأن معظم الطامعين في الكرسي على علاقة وثيقة بأقباط أميركا وبمجلس الكنائس العالمي وأقباط المهجر وبمؤسسات اليمين المتطرف, والخوف هنا يكمن في امكانية اختراق الكنيسة المصرية من هذا الباب عن طريق هذا التيار صاحب الاتجاه المسمى بالمسيحية الصهيونية فهو يمتلك من الدعم المادي والمعنوي ما يكفيه لتحقيق مآربه, وهذا الاتجاه يهدف الى أن يكون ولاء أقباط مصر لأميركا دون سواها وهذا سيساعد السياسة الأميركية على رسم شرق أوسط جديد تكون اسرائيل محوره. لكل هذه الهواجس ولغيرها سألنا الدكتور جرجس كامل يوسف - الباحث في الشؤون الكنسية عن وجود أزمة من عدمه عند اختيار البابا المقبل...فأجاب بالقطع ستكون هناك أزمة خطيرة تهدد مستقبل الكنيسة المصرية عند خلو مقعد البابا شنودة الثالث وذلك للعديد من الاسباب. - اولا: طريقة اختيار البابا شنودة نفسه تمت على اكثر من سيناريو ولم تطبق فيها لائحة اختيار البابا الصادرة عام1957 فبعد وفاة الانبا كيرلس السادس في 9 مارس 1971 اجتمع أعضاء المجمع المقدس مع أعضاء هيئة الأوقاف القبطية ولجنة ادارة أملاك البطريركية لاختيار قائمقام يتولى ادارة البطريركية أثناء فترة خلو كرسي مار مرقس, وقد قام المجتمعون طبقاً للوائح بترشيح الأنبا أنطونيوس مطران كرسي سوهاج وسكرتير المجمع ليصبح القائمقام وبدأت اجتماعات المجمع المقدس لمناقشة موضوع اختيار البابا المقبل واستمرت المناقشة أياماً عدة حتى تم الاعلان عن القواعد التي بمقتضاها سيتم اختيار البابا المقبل. والملاحظ هنا ان هذه المناقشات استمرت حوالي 7 اشهر رغم وجود لائحة صريحة ومواد محددة حول مسألة اختيار البابا, فاذا كان وصول البابا شنودة الى كرسي البطريركية لم يكن بالأمر الهين في ظل وجود الكثير من الاساقفة والرهبان الذين يتصفون بالحكمة وعلى رأسهم الانبا غريغوريوس من الاساقفة, والاب متى المسكين من الرهبان فكيف يكون الحال عند اختيار البابا 118 في ظل عدم تعيين نائب بابوي حتى الآن وعدم ظهور شخصية قبطية وقيادية مؤثرة يلتف حولها الاقباط في الازمات تقود السفينة الى بر الأمان في وقت ظهور قوى عديدة تتربص بالكنيسة القبطية وبأمن الوطن? - ثانيا: الصراع على كرسي البطريركية بين الاساقفة بدا واضحا لكل ذي عينين وكان اخر فصول هذه الصراعات الاشاعة التي تم ترويجها حول الانبا يوأنس الاسقف العام وأحد سكرتارية البابا من أن العذراء بشرت أمه في المنام بجلوسه على كرسي بطريركية الاقباط الارثوذكس خلفا للبابا شنودة الثالث, فهؤلاء الاساقفة والذين كانوا في الاصل رهبانا يعيشون حياة الجوع والتقشف ينعمون الان بركوب المرسيدس والطائرات الخاصة ويعالجون في أرقى مستشفيات العالم فأعتقد أنه من الصعب أن يتنازلوا عن كل هذا الرغد بين عشية وضحاها حتى ولو كلفهم ذل¯ك بضع قطرات من الدماء.
- ثالثا: من السهولة بمكان أن يضرب بمواد لائحة اختيار البابا عرض الحائط كما حدث عند ترشيح البابا شنودة للكرسي بالرغم من عدم انطباق الشروط عليه والتي حددتها قوانين الآباء الاوائل من أن يكون المرشح للكرسي البابوي من الرهبان فقط, وليس من الأساقفة وبالتالي يمكن تحت أي مسمى تمرير ترشيح أي عدد من الاساقفة, لهذا المنصب الخطير, والعجيب هنا أن البابا شنودة بنفسه عندما كان رئيسا لتحرير مجلة" الاحد" في عدد ابريل عام 1955 كان ينادي دائما بتطبيق أقوال الآباء الاوائل وقوانين الرسل عند اختيار البطريرك والتي تنص على أن يكون من الرهبان وليس من المطارنة او الاساقفة. - رابعا :كان منصب البطريرك وحتى عهد الانبا كيرلس السادس البابا السابق منصبا لايدعو الى الطموح والتطلع حيث انه في الاصل منصب نسكي روحاني ولكن ومنذ تولي البابا شنودة مقاليد البطريركية اعطى لهذا الكرسي ابعادا اعلامية وسياسية وأصبح الشعب القبطي في مصر يتعامل مع البابا كرئيس دولة, ويكفي أن نرى موكب البابا عندما يتحرك من مكان لاخر او عند استقباله بعد عودته من أي رحلة سواء كانت رعوية ام علاجية, فلكل هذه الأسباب ولغيرها أعتقد أنه في حال خلو مقعد البابا ستكون هناك أزمة حقيقية في اختيار البابا المقبل لا يعلم مدى نتائجها الا الله. جمال أسعد المفكر القبطي المعروف يبدي هو الاخر قلقه من هذه الازمة التي قد تحدث لكنه يرى أن مسألة اختيار البابا ستتم وفق الاجراءات الادارية المنصوص عليها في لائحة وحتى وان خالفوا نهج الآباء الأوائل بالسماح للاساقفة بالترشح اسوة بترشح البابا شنودة وهو اسقف للتعليم, وهذه كلها أمور يمكن تمريرها تحت اي مسمى وتحت أي ظرف, فمسألة القلق على هذا المنصب الديني المهم تكمن في من يخلف البابا شنودة على كرسي مار مرقص الرسول, خاصة انه أعطى هذا الكرسي ذا الطابع الديني البحت وهجا سياسيا واعلاميا منذ توليه منصب البطريرك ورغم اختلافي معه في تدخله كرجل دين في السياسة الا أنه شخصيا لديه من الأدوات والخبرة التي تجعله يمارس مثل هذه الادوار, وحتى الان لا أرى في الاساقفة او في رهبان البراري من يتمتع بشخصية كشخصية البابا, وهنا مكمن الخطر الاكبر لان البطريرك المقبل سيحاول جاهدا تقليد البابا شنودة حتى يستطيع أن يملأ فراغه قدر المستطاع ولكي يعطي للكرسي بريقا اعلاميا كسابق عهده لابد ان يمارس السياسة أو يحاول تسييس الكرسي, وهو لا يملك أدوات اللعب بالسياسة كما كان يملكها البابا وهذا يؤدي بالكنيسة الى كوارث لا حصر لها سواء على المستويين الداخلي او الخارجي. ويؤكد كمال بولس احد رموز جبهة التيار العلماني أن جبهة رجال الأعمال الأقباط ستكون من أقوى الجبهات المؤثرة في الترشيحات على كرسي البابوية لما يمتلكه هؤلاء الرجال من عشرات المليارات والتي قد ينفقون بعضها على حملات الدعاية لصالح أسقف معين كتقديم خدمات لبعض المناطق الفقيرة وتعيين البعض الآخر في شركاتهم, واخطر ما في هذا التدخل هو التنسيق الذي يجري الاعداد له من الآن ما بين الحزب الوطني وعدد من كبار رجال الاعمال الاقباط المنتمين له خاصة من هم اعضاء في لجنة السياسات وأعضاء الامانة العامة وكبار رجال الاعمال الذين ترتبط مصالحهم المباشرة بقيادات الحزب لطرح عدد من الأسماء لخلافة البابا شريطة ان يكون الأسقف المرشح على هوى الحزب الحاكم. وباختصار سيتم التركيز على اكثر من أسقف على اعتبار ان اللائحة الحالية لاختيار البابا تشترط دخول أعلى ثلاثة اساقفة خاضوا التصفيات الاولى في الانتخابات الى التصفية النهائية عن طريق اجراء القرعة الهيكلية وذلك باحضار أربع ورقات فارغة يكتب في الثلاث الاولى اسماء الاساقفة وتترك الرابعة بيضاء فاذا وقع الاختيار على أحد الأساقفة يكون هو البطريرك المقبل أما اذا وقع الاختيار على الورقة البيضاء فيتم ترشيح ثلاثة أساقفة آخرين. أما كمال زاخر منسق جبهة التيار العلماني فيرى أن الاجراءات الادارية المنصوص عليها في لائحة اختيار البابا الصادرة عام 1957 سيتم تطبيقها بتولي أقدم المطارنة سنا أمور البطريركية في حال خلو المقعد البابوي او عندما لا يستطيع البابا الحالي القيام بمهامه وبالطبع ستكون هناك معركة انتخابية بين المرشحين فكل واحد من حقه الطموح في كرسي البطريركية بالطرق الشرعية, لكن في كل الاحوال وبعد وصول البابا الجديد للكرسي ستكون هناك تغيرات حتمية في ادارة امور الكنيسة فمهما كان الرجل المقبل مؤهلا للقيام بهذا الدور على الوجه الاكمل فلن يستطيع ان يملأ الفراغ الذي سيخلفه البابا لأن البابا شنودة اجتمعت فيه صفات قيادية عدة جعلت منه شخصية من الصعب تكرارها او كما تسمى بالشخصية التاريخية, وأعتقد أن البابا الجديد لكي ينجح في مهمته لابد من ادارة الكنيسة بشكل جماعي حتى يستفيد من خبرات الاخرين ويعوض ما ينقصه من مواهب القيادة والتي كان يتحلي بها البابا شنودة, وتاريخيا تدار الامور جماعيا في اي مؤسسة عقب خلو مقعد القيادات التاريخية. ويتوقع كمال غبريال - مفكر ليبرالي - أن الآلية التي تتم بها انتخاب البابا ستطول مدتها بالرغم من وجود بنود صريحة في لائحة اختيار البابا تحدد هذه الخطوات, وهذا التسويف المتوقع في الاعلان عن البابا المقبل سيكون نتيجة شدة الصراع على كرسي البطريركية من قبل الاساقفة المحيطين بالبابا والذي بدت ملامحه بوضوح هذه الايام على صفحات بعض الجرائد, وكذلك ستتدخل جبهة العلمانيين في الكنيسة المصرية لحسم مسألة اختيار البابا من الرهبان وليس من الاساقفة وفوق كل ذلك أن الدولة ستدخل هي الاخرى هذا الصراع حتى تأتي ببطريرك يحقق رغباتها, فكل هذه الصراعات سواء المعلنة او الخفية حتما ستؤجل الاعلان عن البابا المقبل. وعلى كل حال وبعد تسمية البابا الجديد يتوقع كذلك في بداية الحكم ان يحدث نوع من الفوضى كرد فعل للحكم الفردي التي كانت تحكم به الكنيسة من قبل البابا شنودة, وكل ما نتمناه أن تمر هذه المرحلة على خير, ونأمل أن يكون البابا المقبل رجل دين وصلاة وليس زعيما سياسياً وان يترك الشعب القبطي يندمج في الوطن دون وصاية من رجال الدين
جريدة السياسة الكويتية. | |
|