Admin layaly Admin
عدد المساهمات : 81 نقاط : 233 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/12/2010 العمر : 40 الموقع : https://arab-venusmuslims.roo7.biz
| موضوع: مقصود العقل في الإسلام الأحد 09 يناير 2011, 8:05 am | |
|
مقصود العقل في الإسلام
الأداة الغريزية في الإنسان التي يدرك بها الأشياء على ما هي عليه من حقائق المعنى، ويسميها بعضهم "العقل الغريزي" فهو الطاقة الإدراكية في الإنسان.
ضرورة العقل وأهميته في الشرع:
لقد عُنِيَ الإسلام بالعقل عناية لم يسبقه إليها دين آخر من الأديان السماوية، أما ذكر العقل باسمه وأفعاله في القرآن الكريم فقد جاء زهاء 50 مرة، وأما ذكر أولي الألباب، أي العقول ففي بضع عشرة مرة، وأما كلمة أولي النهى (جمع نُهية- بالضم- أي العقول)، فقد جاءت مرة واحدة في آخر سورة طه. وهذا دليل على اعتبار العقل ومنزلته في الرؤية الإسلامية، كما نهى الشرع عن الاستدلال بالاعتماد على الظنون؛ لأن الظنون لا تغني من الحق شيئاً، ونهى عن اتباع الهوى وتحكيمه في الاستدلال بالنصوص.
وترجع أهمية العقل إلى الآتي: 1- بالعقل ميز الله الإنسان؛ لأنه منشأ الفكر الذي جعله مبدأ كمال الإنسان ونهاية شرفه وفضله على الكائنات، وميزه بالإرادة وقدرة التصرف والتسخير للكون والحياة، بما وهبه من العقل وما أودعه فيه من فطرة للإدراك والتدبر
2- العقل الإنساني وقدرته على الإدراك والتمييز والتمحيص هو وسيلة الإنسان إلى إدراك فحوى الوحي ووضعه موضع الإرشاد والتوجيه لعمل الإنسان وبناء الحياة ونظمها وإنجازاتها .
3- كذلك فإن العقل بما يملك من طاقات إدراكية أودعها الله فيه ذات دور مهم في الاجتهاد والتجديد إلى يوم القيامة؛ وذلك بالنظر إلى انقطاع الوحي، فالعقل له دور في استـقراء الجزئيات والأدلة التفصيلية التي يجمعها مفهوم معنوي عام، باعتباره مبنى من مباني العدل، وهى الأصول الكلية، والقواعد العامة
وهكذا تبدو ضرورة العقل وأهميته المصلحية بوصفه أصلاً من أصول المصالح التي بدونها لا مجال لوجود الإنسان ولا لحياته الاجتماعية من بقاء، كذلك بدون العقل لا يوجد مجال للتلقي عن رسالة الوحي بوصفها مصدراً للمعرفة والعلم والتوجيه، ولا مجال لمسئولية الخلافة الإنسانية وإعمار الكون دون وجود العقل وإعمال دوره ووظيفته في الفهم والإدراك والتمييز بين المصالح والمفاسد، ومن هنا كفلت الشريعة أحكام حفظه باعتباره كياناً وجودياًً في الإنسان، وضابطا لدوره
ووظيفته في الكون.
قواعد الشريعة في حفظ العقل:
ومن هذا المنطلق يأتي منظور الشريعة في حفظ العقل، سواء من جانب الوجود ابتداء بتحصيل منفعته أو من ناحية درء المفاسد عنه أو المضار اللاحقة به.
فأحكام حفظ العقل من ناحية الوجود، هي الأحكام التي تقيم أركانه وتثبت قواعده بحيث تثمر منفعته فكراً مستقيماً وعلوماً نافعة ومعارف صالحة تمكن الأمة من تحقيق مفهوم "الاستخلاف" في الأرض وعمارة الكون والحياة. ومن هنا شرع طلب العلم والتفكر والنظر والتدبر، وليس هناك دليل أسطع من افتتاح الله كتابه الكريم وابتدائه الوحي بهذه الآيات التي تأمر مرتين بالقراءة على الإطلاق دون تقييد بمقروء مخصوص، وتذكر مادة العلم على إطلاقه أيضاً ثلاث مرات،
قال تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ". وآيات القرآن التي تحث على العلم والنظر في آيات الله في الكون، والتفكر فيها بما يعمق الإيمان بالله أكثر من أن يتسع لها السياق هنا.
إن الإنسان يزداد عقلاً وتهذيباً وصقلاً بازدياد المعارف والعلوم. فيشير ابن خلدون إلى أن النفس الناطقة للإنسان إنما توجد فيه بالقوة، وأن خروجها من القوة إلى الفعل، إنما هو بتجدد العلوم والإدراكات عن المحسوسات أولا، ثم ما يكتسب بعدها بالقوة النظرية إلى أن يصير إدراكاً بالفعل، وعقلاً محصناً، فتكون ذاتا روحانية وتستكمل حينئذ وجودها، فوجب لذلك أن يكون كل نوع من العلم والنظر يفيدها عقلاً فريداً، والصنائع أبداً يحصل عنها وعن ملكتها قانون علمي مستفاد من تلك الملكة، فلذلك كانت الحنكة في التجربة تفيد عقلاً، والملكات الصناعية تفيد عقلاً، والحضارة الكاملة تفيد عقلاً، ومعاشرة أبناء الجنس، وتحصيل الآداب في مخالطتهم، ثم القيام بأمور الدين واعتبار آدابها وشرائطها، وهذه كلها قوانين تنتظم علوماً، فيحصل منها زيادة عقل.
وهكذا فإن مفهوم العلم -في الرؤية الإسلامية- الذي يفيد زيادة عقل، مفهوم شامل يتغيا معرفة الله والتقرب إليه، بما يحقق مهمة الخلافة في الأرض، وعمارة الكون والحياة، سواء كانت هذه العلوم نابعة من كتاب الله المقروء ممثلاً في القرآن الكريم أو نابعة من قراءة كتابه المنظور ممثلاً في الكون وسننه الطبيعية.
أما تدابير حفظ عقول الأمة من ناحية ما يدرأ عنها الخلل الواقع أو المتوقع فيتمثل في موقف الإسلام من صور الغلو والانحراف الفكري. والفكر قد يكون مجرد رأي وصل إليه العقل بطريقة أو بأخرى، وقد يكون عقيدة عند الاقتناع به وتحرك الوجدان نحوه، وانفعال النفس به انفعالا يظهر أثره في القلب والسلوك، ومن الانحراف في الرأي التعصب لحكم اجتهادي ليس له دليل قاطع في ثبوته أو دلالته. ومن الانحراف في العقيدة إنكار وجود الإله الخالق، وكذلك الغلو في الإيمان بوجوده، غلوا يتنافى مع ما يجب له من الجلال والجمال.
فأخطر أنواع الانحراف هو انحراف الفكر والبعد به عن القصد إفراطاً أو تفريطاً، ذلك أن السلوك نابع منه ومتأثر به، ولهذا كانت العناية بتقويم الفكر وتصحيح الاعتقاد هي أول نقطة في أي برنامج من برامج الإصلاح التي جاء بها الأنبياء، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". والقلب أحد معاني العقل كما سبق.
تصورات الديـن وتصورات العقل: ربما كان الحديث في منزلة العقل في الإسلام ينبغي أن يبدأ بتعريف الدين في التصور الإسلامي، فليس الدين محض شعائر روحية، ولا هو أساطير موروثة وخرافات مروية، ولا هو قيد على العقل يسلم الإنسان لمؤسسات وكهنوت وسلطة مؤسسية، ليس الدين هذا ولا ذاك كي يوضع في مواجهة العقل فتصبح "العقلانية اللادينية" شرط التنوير والنهضة والتقدم، بل الدين في الرؤية الإسلامية يطلق على رؤية الوجود والمعرفة والذات والمآل التي تنتظم في تصور أيًّا كان هذا التصور، فلا يستغني مجتمع عن تلك المنظومة لإدارة شئونه، ولا ينفك إنسان عن تصور ما لهذه الأبعاد، سواء أكان دينا اتبعه أو تصورا وضعيا اعتنقه.
ومن اللافت أن القرآن أسمى الكفر ديناً، أي أن الدين هو وصف لرؤى الحياة والعالم التي يتبناها فرد أو جماعة أيًّا كان المصدر، وبغض النظر عن ملامح ومضمون هذه المنظومة. ففي سورة الكافرون – الآية 6 يقول تعالى: "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ". وقال تعالى في سورة آل عمران-الآية 85: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
فإن من حكمة الله أن جعل هدف رسالات الأنبياء كلها هي تبليغ الحق والدعوة إلى "الإسلام"، وهي تسمية بمصدر أسلم إذا أذعن ولم يعاند، والإذعان اعتراف بحق لا عن عجز بل تسليم بعد بحث ونظر وتعقل، ثم هو إرادة حرة في القبول مصداقاً لقوله: "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، ومصداقاً لدعاء الرسول الذي يجعل العقيدة والإيمان متأسساً على "الرضا" بالله ربًّا وبالإسلام ديناً، وفي المقابل يصف القرآن الإصرار على الكفر رغم البينات ورغم "عقلانية" الرسالة وقابليتها للفهم والتدبر بأنه كبر واستعلاء يورث صاحبه الذلة والخسران يوم القيامة.
| |
|