القس الإنجليزي "جلال الدين لودربرنتون"
ولد و نشأ بين أبوين مسيحيين ، و ولع بدراسة اللاهوت و هو في سن مبكرة ، و ارتبط بالكنيسة الإنجليزية و أعطى أعمال التبشير كل اهتمامه .
و حدث ذات يوم أن زاره صديق هندي مسلم تحدث معه في موضوع العقائد المسيحية و مقارنتها بالعقيدة الإسلامية ، و انتهت الزيارة إلا أنها لم تنتهِ في نفسه ، فقد أثارت انفعالاً شديداً في ضميره و عقله ، و صار يتدبر كل ما قيل فيها من جدال ، مما دفعه إلى إعادة النظر في العقائد المسيحية ... و يعبر عن ذلك فيقول :
" عندئذ قررت أن أبحث بنفسي متجاهلاً عقائد الناس بعد أن أيقنت بضرورة البحث عن الحقيقة مهما طال المدى في هذا السبيل ، و مهما كان الجهد حتى أصل لمزيد من المعرفة بعد أن قيل إن الإنجيل و تعاليم المسيح قد أصابها التحريف ، فعدت ثانياً إلى الإنجيل أوليه دراسة دقيقة ، فشعرت أن هناك نقصاً لم أستطع تحديده .. عندئذ ملك عليّ نفسي رغبة أن أفرغ كل وقتي لدراسة الإسلام .. و بالفعل كرست كل وقتي و جهدي له ، و من ذلك دراسة سيرة النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، و لم أكن أعلم إلا القليل النادر عنه ، برغم أن المسيحيين أجمعوا على إنكار هذا النبي العظيم الذي ظهر في الجزيرة العربية ... و لم يمضِ بي وقت طويل حتى أدركت أنه من المستحيل أن يتطرق الشك إلى جدية و صدق دعوته إلى الحق و إلى الله " .
ثم أخذ يكرر هذا المعنى و هو يقول :
" نعم شعرت أن لا خطيئة أكبر من إنكار هذا الرجل الباني بعد أن درست ما قدمه للإنسانية و جعل من المسلمين أقوى مجتمع رفيع يعاف الدنايا ... إني غير مستطيع أن أحصي ما قدمه هذا الرسول من جليل الأعمال .. " .
بعدها تساءل في ألم و وجوم قائلاً :
" أمام كل هذا الفضل و هذا الصفاء ، أليس من المحزن الأليم حقاً أن يقدح في شأنه المسيحيون و غيرهم؟! " .